الثلاثاء، 10 يونيو 2025

هل يشهد العالم انفجارًا سكانيًا أم هبوطًا ناعمًا؟ تحليل ديموغرافي لمستقبل النمو السكاني










شهدت العديد من دول العالم خلال العقود الماضية التحول الديموغرافي، حيث انخفضت معدلات الوفيات تزامنًا مع تحسن الرعاية الصحية، مما أدى إلى زيادة سكانية كبيرة. ولكن مع مرور الوقت، تبعت ذلك انخفاضات في معدلات المواليد، لتستقر العديد من الدول عند مستويات منخفضة لكل من الولادات والوفيات، وبالتالي تباطأ النمو السكاني أو حتى بدأ بالتراجع.

التحول السكاني: من النمو السريع إلى الاستقرار

يرتبط مستقبل النمو السكاني العالمي بسؤال حاسم: هل نتجه نحو منحنى نمو سريع على شكل "J" يؤدي إلى انهيار سكاني محتمل؟ أم أن العالم سيتبع منحنى "S" تدريجي يستقر عند قدرة استيعابية طبيعية (Carrying Capacity)؟

العمر الوسيط وتأثيره على النمو السكاني

البيانات الديموغرافية الحديثة تكشف عن تباينات كبيرة بين الدول. على سبيل المثال:

  • اليمن لديها عمر وسطي يبلغ 18 عامًا، أي أن نصف السكان أعمارهم 18 سنة أو أقل، مما يُنبئ بنمو سكاني مرتفع مستقبلًا.

  • أما اليونان فالعمر الوسيط يبلغ 42.5 عامًا، مما يدل على مجتمع متقدم عمرًا ونمو سكاني منخفض أو سلبي.

كلما كان المجتمع أكثر شبابًا، زادت احتمالات النمو السكاني بسبب ارتفاع معدلات الخصوبة بين الفئات العمرية الصغيرة.



الخريطة العالمية للخصوبة ومتوسط الأعمار

تشير الخرائط العالمية إلى أن:

  • الدول ذات المتوسط العمري المنخفض مثل اليمن، أفغانستان ودول إفريقيا جنوب الصحراء تتمتع بمعدلات خصوبة عالية تصل إلى 6 أو 7 أطفال لكل امرأة.

  • بينما دول مثل اليابان، ألمانيا، وكندا تمتلك متوسط أعمار فوق الأربعين وخصوبة تقل عن 2.1، وهي النسبة اللازمة لإحلال السكان دون زيادة أو نقصان.



هل تؤثر الثروة والتعليم في معدلات الإنجاب؟

أحد العوامل المؤثرة بشدة على معدلات الخصوبة هو مستوى الدخل القومي للفرد (GDP per capita):

  • هناك علاقة طردية واضحة بين ارتفاع الدخل وانخفاض الخصوبة.

  • الدول الفقيرة غالبًا ما تكون الأعلى في الخصوبة، في حين تنخفض المعدلات تدريجيًا في الدول المتقدمة.

لكن توجد استثناءات مثل السعودية، التي رغم ارتفاع دخلها القومي، لا تزال تمتلك معدل خصوبة أعلى من المتوسط العالمي، مما يشير إلى دور العوامل الثقافية والدينية والاجتماعية في التأثير على الإنجاب.


دور تعليم المرأة في تغيير المعادلة السكانية

أظهرت الدراسات أن:

  • زيادة تعليم النساء يرتبط بانخفاض عدد الأطفال.

  • في دول مثل كينيا وبنغلاديش، النساء غير المتعلمات ينجبن أكثر بكثير من النساء الحاصلات على التعليم الثانوي أو الجامعي.

  • ليس بالضرورة أن تكون العلاقة مباشرة، إذ يمكن أن تؤثر عدة عوامل مترابطة، مثل فرص العمل والزواج المتأخر.



هل المستقبل يحمل انفجارًا سكانيًا أم استقرارًا؟

مع ارتفاع مستويات التعليم، وتمكين المرأة، وتحسن الخدمات الصحية، يرجح كثير من الخبراء أن يشهد العالم تباطؤًا عامًا في معدلات النمو السكاني، خصوصًا في الدول التي وصلت إلى مراحل متقدمة من التحول الديموغرافي.


فهم التحولات السكانية لا يُساعد فقط في التخطيط للمستقبل الاقتصادي والاجتماعي، بل هو ضروري أيضًا عند وضع سياسات الاستدامة والبيئة. يبقى السؤال الأهم: هل نحن في طريقنا إلى انفجار سكاني، أم أن التقدم الاقتصادي والاجتماعي سيقودنا إلى توازن سكاني مستدام؟

المرجع : المقال  مستخلصًا من محاضرة الدكتور "جوناثان تومكين" من جامعة إلينوي علي مصة COURSERA 

#النمو_السكاني #التحول_الديموغرافي #الخصوبة #تخطيط_سكان #تعليم_المرأة #الاستدامة_السكانية #السكان_في_العالم #معدلات_المواليد #الخصوبة_في_الدول #التحول_السكاني #التعليم_والخصوبة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق